النخلة العراقية ليست مجرد شجرة، بل هي رمز شموخ وعراقة تاريخية تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ. لقد كانت وما زالت مصدر غذاء ورفاهية للعراقيين، فمن ثمارها القوت اليومي للفقير، وحلوى للغني، ورفيق للمسافر.
“النخلة هي الشجرة التي تروي تاريخ العراق، من ثمارها تتغذى الأجيال، ومن ظلالها يستظل الفقراء، ومن روحها يتجسد الكرم العراقي.”
النخلة العراقية قد سميت “بلاد السواد” نظراً لكثافة نخيلها، حيث تشكل جزءاً مهماً في حياة العراقيين، وتظهر في أساطيرهم، شعرهم، وأهازيجهم. لم تقتصر أهمية النخلة على طعامها بل استخدمها العراقيون في صناعات يدوية متنوعة؛ من سقوف للمنازل إلى أدوات للأكل والمقاعد.
يعتبر التمر من الأغذية الأساسية في المائدة العراقية، خاصة في شهر رمضان المبارك. يتميز بمذاقه اللذيذ وفوائده الصحية المتعددة، وهو أحد المكونات التي يرتبط بها الشعب العراقي ارتباطًا وثيقًا.
“التمر ليس مجرد غذاء، بل هو جزء من الروح العراقية التي لا يمكن أن تكتمل بدون طعمه المميز في شهر رمضان.”
ظهر النخيل لأول مرة في التاريخ القديم في موقعين تاريخيين في جنوب العراق، وهما “تل عوويلي” و**”تل أبو شهرين”**، منذ حوالي 4000 سنة قبل الميلاد. وتعتبر النخلة في هذه الفترة شجرة الحكمة أو الحياة، كما ورد ذكرها في مسلة حمورابي، التي فرضت غرامات على من يقطعها.
لقد ذُكرت النخلة في الكتب السماوية الثلاث (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل)، وكانت رمزًا للحياة، الكرم، العطاء، والشموخ. كما ذُكرت في الكثير من الأشعار والأمثال الشعبية التي تجسد مكانتها في قلوب الناس.
كان العراق من أهم الدول المنتجة والمصدرة للتمور في العالم. تنتشر زراعة النخيل في 13 محافظة من أصل 18 محافظة عراقية، خصوصًا في البصرة التي تُعدّ مركزًا رئيسيًا لإنتاج التمور.
تتمتع التمور العراقية بشهرة عالمية، إذ تصل إلى أكثر من 600 صنف، مثل: الحلاوي، البريم، الزهدي، الجوزي، الخستاوي، البرحي وغيرها. وتعد هذه الأصناف من بين الأندر والأشهر في العالم.
على الرغم من الاهتمام التاريخي الكبير بنخيل التمر في العراق، إلا أن السوق العراقي قد شهد مؤخرًا غزوًا للتمور المستوردة بعد إهمال قطاع النخيل. ورغم التحديات، تظل النخلة العراقية شامخة، تصارع الزمن، وتُثمر رغم القسوة.
“مهما غزت التمور المستوردة الأسواق، تبقى النخلة العراقية الأصيلة هي الحاضرة في قلوب الشعب العراقي.”
تمكن فريق “موثقون” من القيام بجولة في عدة مدن ومحافظات عراقية لتوثيق جمال شموخ النخلة العراقية وبساتينها التي تزين الأرض وتؤكد على العراقة والقدرة على البقاء رغم الظروف.